رسالة ماجستير بأعلام القاهرة تناقش معالجة الصحافة الدولية لقضايا تغير المناخ

ناقشت كلية الإعلام جامعة القاهرة رسالة ماجستير من نوع جديد تهتم بمعالجة المواقع الإخبارية الدولية بقضايا تغير المناخ وكيف يؤثر التحيز ومصالح الدول الكبرى فى التغطية مقابل الدول المتضررة التى تسعى لانتزاع حقها فى مواجهة تأثير الاحتباس الحرارى على ارتفاع درجات الحرارة وما بعقلها من آثار مدمرة.

الدراسة قامت بها الباحثة ياسمين خالد عبد الغفار المعيدة بقسم الصحافة للحصول على درجة الماجستير بكلية الإعلام حيث أشرف عليها

أ.د. نجوى كامل عبد الرحيم استاذ الصحافة بكلية الإعلام مناقشاً ورئيساً والدكتورة سحر مصطفى عبد الغنى استاذ الصحافة المساعد بكلية الإعلام مشرفاً والزميلة حنان بدوي عبد الحليم مساعد رئيس تحرير جريدة الأسبوع وأمين عام جمعية كتاب البيئة والتنمية مناقشًا للجزء العلمى الذى يتناول قضية تغير المناخ وتدقيق المصطلحات العلمية المستخدمة.

 

الدراسة قامت برصد وتحليل وتفسير المعالجة الإعلامية لقضايا تغير المناخ في المواقع الدولية بالتطبيق على عينة من المواقع الصحفية الصادرة بالإنجليزية في الدول المسببة لتغير المناخ (الولايات المتحدة الأمريكية، الصين)،

 

وأبرز الدول المتضررة من تغير المناخ (البرتغال، كينيا) خلال الفترة من 2021 حتى 2023، ومقارنة المعالجات في مواقع الدول المسببة لآثار تغير المناخ (CNN، Global Times) والمتضررة من الآثار (The Portugal News، Daily Nation). واعتمدت الدراسة على نظرية الأطر الإعلامية كإطار تحليلي، ومدخل التيارات المتعددة كإطار تفسيري، باستخدام منهج المسح وأداة تحليل المضمون بشقيه الكمي والكيفي.

توصلت الدراسة إلى تفوق موقع CNN من حيث كثافة تغطية الموضوعات المتعلقة بقضايا تغير المناخ بنسبة 48%، يليه موقع Daily Nation بنسبة40%، ثم موقعي The Portugal News وGlobal Times بنسب متساوية 6% لكل منهما. جاء فن التقرير الصحفي في المرتبة الأولى بقائمة الفنون الصحفية التي استخدمتها مواقع العينة خلال الفترة الزمنية محل الدراسة؛ لأن فن التقرير هو الفن المناسب للمواقع الإلكترونية يليه الفيديو، ثم مقال الرأي، ثم الخبر. واستخدمت المواقع الصحفية الدولية عينة الدراسة عند تغطية قضايا تغير المناخ أطر إعلامية مختلفة، وجاء في المرتبة الأولى من حيث كثافة الاستخدام إطار الحلول والمفاوضات يليه إطار التحذير، وهما إطارين أساسيين في معالجة قضايا تغير المناخ من أجل عرض واقتراح الحلول والتحذير من المخاطر. كما أثبتت نتائج الدراسة وجود عوامل تؤثر على طبيعة وكثافة معالجة المواقع الدولية لقضايا تغير المناخ، والتي ظهرت في مدى التضرر الاقتصادي من آثار تغير المناخ أو تنفيذ الحلول، السياسة الإعلامية للموقع، القرب الجغرافي للأحداث المتعلقة بقضايا تغير المناخ، الحروب وتأثيرها على الدولة المالكة للموقع، الانتخابات الرئاسية، الصراعات الجيوسياسية.

أظهرت نتائج الدراسة أن المواقع الدولية تركز في معالجتها لقضايا تغير المناخ على الحلول وطرق التكيف، لكنها حلولا نظريا يصعب تحقيقها وملاحظة تأثيرها إلا على المدى البعيد وتحتاج تعاون دولي ومؤسسي ضخم، ويكون التركيز على الآثار الناتجة عن تغير المناخ في الكوارث العالمية المؤثرة على الدولة مالكة الموقع أو بالقرب منها، كما أن ملف (الخسائر والأضرار) استحوذ على اهتمام مواقع العينة سواء المتضررة -التي تنتظر تعويض الخسائر- أو المتسببة -التي تخشى فرض الالتزامات المادية. واختلفت طبيعة معالجة قضايا تغير المناخ في بداية فترة مؤتمرات قمة المناخ عنها في نهاية وختام المؤتمر خلال الدورات الثلاثة محل الدراسة (COP26، COP27، COP28)، حيث ركزت المعالجة في الأسبوع الأول من الدورات الثلاثة على اقتراحات الدول والوعود الكبيرة للحد من آثار تغير المناخ، بينما ركزت التغطية في الأسبوع الثاني من الدورات الثلاثة على وضع تفاصيل الاتفاقيات النهائية للمؤتمر من أجل الحد من الظاهرة والتكيف معها. كما أكدت نتائج الدراسة أن الاستراتيجيات الاتصالية الأكثر استخداما في المواقع الدولية عينة الدراسة تمثلت في التخفيف والتكيف، ثم عرض المخاطر، وهذا ما يناسب مع الأطر الإعلامية الأكثر استخداما التي تمثلت في الحلول والمفاوضات ثم التحذير من الآثار.

اتضح من نتائج الدراسة عدم التركيز على آثار الحروب على تغير المناخ والبيئة بصفة عامة، ويرجع ذلك إلى عدم السماح للدول بالإفصاح عن كمية الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الحروب أو حتى تدريب الجيوش. وتوصلت نتائج الدراسة إلى عدم تأثر فئات الشكل (كيف قيل) بمدى تضرر أو تأثير الدولة في ظاهرة تغير المناخ، لكن تأثرت بعض فئات المضمون (ماذا قيل) بمستوى تضرر أو تأثير الدولة مالكة الموقع في ظاهرة تغير المناخ، لكن صاحب هذا التأثير عوامل أخرى مثل: المستوى الاقتصادي للدولة، وتوافر المراسلين لدى الموقع، وطبيعة النظام الإعلامي في الدولة. وكشفت النتائج التحليلية للدراسة، تركيز المواقع عينة الدراسة خلال مؤتمر الأطراف في دورته السادسة والعشرين (COP26) على مراجعة تنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها كل دولة، ومدى إمكانية تحقيق هدف الحد من الانبعاثات للحد من زيادة متوسط درجة حرارة سطح الأرض إلى 1.5 درجة، وهو الهدف الرئيسي من اتفاقية باريس ويتم مراجعته كل خمس سنوات، فكانت هذه الدورة الأولى لمراجعة مدى تحقق الهدف وتعظيم منجزات بعض الدول خاصة الدولة مالكة الموقع، بالإضافة إلى التركيز على أن عدم التزام وتخاذل الدول الكبرى يؤدي إلى وقوع كوارث بيئية بشكل أسرع. في إطار آخر، ركزت المعالجة الصحفية للمواقع محل الدراسة أثناء الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر قمة المناخ على قضية تمويل صندوق الخسائر والأضرار، حيث كان من المقرر تفعيل صندوق الخسائر والأضرار وبدأ تجميع 100 مليار من الدول المتسببة في تغير المناخ. أما الدورة الثامنة والعشرين من المؤتمر، برزت في معالجة المواقع محل الدراسة في ضوء مراجعات التقدم المتحقق من كل دولة في الحد والتكيف مع آثار تغير المناخ، وتقديم خطط أكثر تحديدًا وإحكامًا مع وضع مواعيد محددة للتنفيذ. الباحثة التى منحتها لجنة المناقشة درجة الامتياز بالإجماع لاحظت أن المعالجة تكون أكثر تفاؤلًا مع بداية المؤتمرات، لكن بعد انقضاء فترة المؤتمر تبدأ المعالجات تركز على نقاط الضعف في المؤتمرات، وأنها لا تؤتي ثمارها المرجوة في الحد والتكيف مع آثار تغير المناخ.

 

توصلت نتائج الدراسة إلى أن مواقع الدول المتضررة من آثار ظاهرة تغير المناخ خلال فترات المؤتمرات تركز على تضررها من آثار الظاهرة وتدعو للحصول على التعويض من الدول المتسببة في الظاهرة خاصة إذا كانت الدولة المالكة للموقع ذات مستوى اقتصادي منخفض مثل: كينيا. على الجانب الآخر، ركزت مواقع الدول المتسببة في ظاهرة تغير المناخ خلال فترات المؤتمرات على تعظيم منجزاتها وعرض تأثرها بتغير المناخ مع محاولة التملص من مسؤولية الحد والتمويل والتخلص من الوقود الأحفوري.

قسمت الدراسة إلى ثلاثة فصول: تناول الفصل الأول المقدمة المنهجية، والفصل الثاني تغير المناخ والإعلام التنموي والدولي، واشتمل الفصل الثالث على نتائج الدراسة ومناقشتها في ضوء المقارنة مع الدراسات السابقة والأهداف والإطار النظري.

وأوصت الدراسة بالاستفادة القصوى من إمكانية الوسيلة الرقمية في تقديم المواد المرئية والمسموعة والتفاعلية لجذب جمهور الشباب ليكون له دور في حل مشكلة تغير المناخ، وتشجيع معالجة قضايا تغير المناخ من خلال إطلاق مسابقات دورية للصحفيين المتخصصين في مجال البيئة وتغير المناخ، وتكريم أصحاب المعالجات المتميزة وذلك من خلال الجهات الإعلامية المسؤولة كنقابات الصحفيين أو وزارة الإعلام في بعض الدول، بالإضافة إلى إجراء دراسات وأبحاث علمية تستهدف استشراف مستقبل معالجة الصحافة الدولية لقضايا تغير المناخ، مما يمكن توقع التحديات التي يمكن أن تواجه هذه المعالجة مستقبلًا والعمل على حلها وتطوير المعالجة بما يتفق مع التصدي لها عند وقوعها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى