الاهمال المتعمد ….مع سبق الاصرار والترصد
حريق سنترال رمسيس… حين يتحول الإهمال إلى جريمة بحق الدولة

بقلم: د . محمد محروس
في قلب العاصمة، وفي واحدة من أهم المنشآت السيادية التي تعد شريان حيوي لقطاع الاتصالات في مصر، اندلع حريق مروع داخل سنترال رمسيس.
لكن الحقيقة الصادمة أن الحريق لم يكن مفاجئ… بل كان نتيجة طبيعية لتراكم الإهمال، وغياب أبسط قواعد الوقاية، وتجاهل تحذيرات كان يجب أن تؤخذ بجدية منذ سنوات.
سنترال يخدم الملايين… بلا حماية كافية!
سنترال رمسيس لا يخدم مجرد منطقة، بل تمر عبره خطوط هواتف ومراسلات بنكية، وأنظمة طوارئ، وشبكات أمنية، وخطوط إنذار متصلة – أو يفترض أن تكون متصلة – بوزارة الداخلية.
ومع ذلك، لم يكن به نظام إنذار حرائق فعال، ولا منظومة رشاشات أوتوماتيكية، ولا خطة إخلاء مدروسة، ولا تدريب مسبق على التعامل مع الطوارئ.
او حتى نقطه اطفاء مؤهله داخل المبنى مع فرق اطفاء مدربة على مدار الساعة
أين كانت وسائل الوقاية؟ وأين الرقابة؟
غياب أجهزة الكشف المبكر عن الحريق أو عدم صيانتها.
عدم وجود فرق مؤهلة للتدخل السريع او حتى تدريب العاملين على الاخلاء.
خلو المكان من عقود صيانة دورية ملزمة.
إهمال تدريب العاملين على إجراءات الإخلاء والتعامل الفوري.
مما ادي للكثير من الوفيات وعشرات المصابين كل الذي يهم ترخيص المبنى ليس هذا فقط بل كل المنشأت بشهادة غير حقيقيه من استشاري بكفاية وسائل الاطفاء وكفائتها ليس الا
كل ذلك يجعلنا لا نتحدث عن “حادث”، بل عن سلسلة تقصيرات ممنهجة ترتقي إلى مستوى الجريمة بالإهمال.
من واقع خبرتي لأكثر من 25 عاما في مجال أنظمة الإطفاء والسلامة المهنية، أؤكد ما يلي
1. أول ثلاث دقائق في أي حريق تمثل نقطة التحول بين السيطرة أو الكارثة.
2. يجب أن يكون كل مبنى مؤهلا لإطفاء نفسه ذاتيا قبل تدخل الحماية المدنية.
3. لا بد من وجود أنظمة إنذار تلقائي، ورشاشات بوسائط اطفائيه مناسبه، وطفايات موزعة بشكل مدروس ومدرب عليها جميع العاملين.
4. لا ينبغي الاعتماد على التدخل الخارجي فقط، بل يجب أن يكون خط الدفاع الأول من داخل المنشأة مع توفير كافه الامكانيات لرجال الحماية للتعاون .
نحن نصرف على الديكورات… ونهمل أرواح الناس!
كثير من المنشآت تخصص ميزانيات لتجميل الواجهة، لكنها تهمل صيانة منظومات الإطفاء والإنذار.
لا توجد عقود صيانة حقيقية مع شركات متخصصة، ولا متابعة دورية من جهات رقابية.
كل ذلك يحدث في منشآت حيوية، لا تقل في أهميتها عن المطارات والمستشفيات بالامس القريب محطه وقود في العاشر وامس سنترال رمسيس واليوم مصنع ضخم للاسفنج بدمياط.
أين المساءلة؟
من المسؤول عن هذا الإهمال الجسيم؟ غرامه بضعه جنيهات فقط للمسؤول …والقتلى والمصابين والاموال التي ضاعت والبورصه التي خسرت و…مصالح الناس المعطله
لماذا لا يحاسب من أهمل أو تجاهل تحذيرات سابقة؟
لماذا لا تفعل لائحة وطنية موحدة للسلامة المهنية ومكافحة الحريق تلزم بها جميع الجهات؟
وتراقبها الرقابه الادارية والنيابه الجنائية
غياب المحاسبة هو ما يسمح بتكرار المأساة.
الحل واضح ولكنه يتطلب إرادة:
1. إصدار تشريع يلزم جميع المنشآت – خاصة السيادية – بعقود صيانة موثقة لأنظمة الإطفاء.
2. تشكيل لجان تفتيش شهرية من وزارة الداخلية والحماية المدنية والأمن الصناعي.
3. إلزام الموظفين بدورات تدريبية كل ٣ أشهر على إجراءات الطوارئ.
4. تخصيص نسبة من أي ميزانية لمشروع جديد لتأمينه ضد الحريق كجزء أساسي، لا كمجرد بند هامشي و لا تقل عن١٠% من قيمه اجمالي المشروع لتطوير حمايه الارواح والاموال.
ما حدث في سنترال رمسيس ليس مجرد حريق، بل ناقوس خطر يدق بعنف.
نحن لسنا أمام حادث عابر، بل أمام خلل في البنية الإدارية والرقابية، وثقافة استهتار بالأمن الصناعي.
إن لم نتحرك اليوم، ستتكرر المأساة غدا في أماكن أكثر خطورة.
“إن تجاهل وسائل الوقاية، مع العلم بخطورة العواقب، ليس إهمال عادي… انه الاهمال الذي يصل لحد العمد …او اشتراك في إشعال النار القادمة