الإنتاج الحيواني: استثمار ذهبي لمستقبل الاقتصاد والأمن الغذائي

✍️ بقلم: حسن مشعل – رائد أعمال والمدير التنفيذي لشركة مشعل بلاست للتجارة والصناعة وتطوير الأعمال

في عالم يزداد فيه الطلب على الغذاء بشكل غير مسبوق، يظل الإنتاج الحيواني واحدًا من أهم القطاعات القادرة على صناعة الفارق. ليس لأنه فقط يوفر اللحوم والألبان والبيض والمنتجات الأساسية للمائدة، بل لأنه يمثل فرصة استثمارية ضخمة قادرة على خلق وظائف جديدة، وتحريك عجلة الاقتصاد، وتعزيز الأمن الغذائي في الوقت نفسه.

لماذا الإنتاج الحيواني؟

الاستثمار في هذا القطاع لا يقتصر على تربية المواشي أو الدواجن فقط، بل يمتد ليشمل صناعات الأعلاف، الأدوية البيطرية، النقل، التغليف، والتصنيع الغذائي. أي أن كل مشروع صغير أو متوسط في هذا المجال يخلق حوله حلقة اقتصادية متكاملة تدعم المزارع والفني والعامل، وتفتح أبواب رزق لآلاف الأسر.

في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تشهدها مصر ومعظم الدول العربية، يصبح التوجه نحو المشروعات الإنتاجية – خصوصًا الحيوانية – خيارًا استراتيجيًا. فالقطاع قادر على امتصاص البطالة، وتوفير منتجات محلية تقلل فاتورة الاستيراد، وتفتح أبوابًا للتصدير عند وجود فائض.

تجارب ملهمة من العالم

البرازيل: خلال العقود الأخيرة، تحولت من دولة مستوردة إلى واحدة من أكبر مصدري اللحوم في العالم بفضل دعم صغار المزارعين وتوفير التكنولوجيا والإرشاد.

الهند: عبر ما يعرف بـ”الثورة البيضاء”، أصبحت أكبر منتج للألبان عالميًا، ووفرت ملايين فرص العمل للنساء والشباب في القرى، ما عزز الاقتصاد المحلي.

إثيوبيا: رغم تحدياتها الاقتصادية، ركزت على الثروة الحيوانية كمدخل للتنمية، فقللت الاعتماد على الاستيراد، وبدأت في بناء صناعة تصديرية ناشئة.

هذه النماذج تؤكد أن الاستثمار الحيواني ليس حلمًا بعيدًا، بل واقع يمكن تحقيقه بخطوات عملية.

فرص حقيقية للشباب والمستثمرين

الإنتاج الحيواني لا يحتاج إلى استثمارات ضخمة دائمًا. هناك مجالات يمكن البدء فيها برؤوس أموال متوسطة، مثل:

مشروعات الدواجن: من أكثر المجالات دورانًا لرأس المال وأسرعها عائدًا.

تربية الأرانب: مشروع منخفض التكاليف وعالي الإنتاجية.

المزارع السمكية: استثمار واعد يقلل الفجوة في استهلاك البروتين.

الألبان ومشتقاتها: صناعة دائمة الطلب قادرة على خلق آلاف فرص العمل في التصنيع والتوزيع.

كل مشروع من هذه المشروعات لا يخدم صاحبه فقط، بل يساهم في سلسلة إمداد كاملة: من المزارع، إلى المصنع، إلى المستهلك.

الأثر الاجتماعي والاقتصادي

عندما نستثمر في الإنتاج الحيواني، نحن لا ندعم فقط الاقتصاد، بل نبني مجتمعًا أكثر استقرارًا. فالمزارع الذي يجد دخلًا مستمرًا لن يهاجر بحثًا عن فرصة، والشاب الذي يبدأ مشروعًا صغيرًا لن ينضم لطوابير البطالة. كذلك، وجود منتجات محلية بأسعار مناسبة يحمي الطبقات المتوسطة والفقيرة من تقلبات الأسواق العالمية.

دعوة للتحرك

اليوم، نحن بحاجة إلى رؤية جديدة تنظر للإنتاج الحيواني باعتباره مشروع أمة لا مجرد نشاط فردي. دعم الدولة، تشجيع البنوك لتمويل هذه المشروعات، وتعاون المستثمرين الكبار مع صغار المزارعين، يمكن أن يصنع نهضة حقيقية تضاهي ما حدث في البرازيل والهند.

الفرصة أمامنا الآن، والمجال واسع للشباب ورواد الأعمال ليكونوا جزءًا من هذه النهضة.
فالإنتاج الحيواني ليس مجرد تربية حيوانات… إنه استثمار في الغذاء، والاقتصاد، والحياة نفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى