مصر أمّ الدنيا… حكاية عشق لا تنتهي.. بقلم: الإعلامية والكاتبة هدى زوين

حين تُذكر مصر، يتوقف التاريخ قليلًا ليُصغي.
فهذه الأرض ليست وطنًا كبقية الأوطان، بل كتابٌ مفتوح على فصول المجد، وسطور الحضارة، وأحلام الإنسان.
هي الذاكرة التي تسكن ضمير الأمة، والنيل الذي يجري في عروق العروبة منذ الأزل.
مصر… الاسم الذي يختصر الحنين، ويجمع بين قِدم الزمان ووهج الحياة.
منذ فجر التاريخ، كتبت على وجه الأرض أولى حروف الحضارة، وبنت بيديها مجدًا لا يشيخ. عانقت النيل، واحتضنت الشمس، وأهدت العالم أهراماتٍ تتحدّى الدهر، وفنونًا وثقافاتٍ أنارت العقول والقلوب.
في شوارع القاهرة، تختلط الأصالة بالحداثة، فيسمع الزائر صدى الماضي في كلّ حجرٍ ومبنى.
القاهرة ليست مدينةً فحسب، بل قلبٌ نابض بالحياة، تُسافر فيه عبر الأزمنة دون أن تغادر المكان.
في مقاهيها القديمة، تتعانق حكايات الأدباء والمفكرين؛ هنا كتب نجيب محفوظ رواياته التي خلّدت وجدان المصريين، وهناك صدحت أم كلثوم بصوتها الخالد، فجمعت القلوب على نغمة واحدة: الحبّ والحياة.
ومن الإسكندرية التي تهمس أمواجها بالعشق، إلى الأقصر وأسوان حيث يقيم التاريخ في المعابد، تُدرك أنّ الزمن في مصر لا يمرّ، بل يقيم فيها بإجلال.
تسكن فيها روح الفراعنة، وتتنفس فيها الحضارة، وتبقى شامخةً رغم ما مرّ بها من محنٍ وتحدّيات.
مصر، يا أمّ العراقة والجمال، يا مهد العلم والفكر والفن، يا سيدة النور الأولى التي أضاءت درب البشرية.
فيكِ تتوحّد القلوب، وتذوب الفوارق، وتتعانق الديانات والمذاهب تحت سماءٍ واحدة.
كلّ زائرٍ لكِ يعود مختلفًا، لأنّ روحك تسكن فيه، وتُزرع فيه بذرة انتماءٍ لا تزول.
يا أرض الكنانة، يا وطن الكلمة والنغمة،يا حضن العرب الذي لم يغلق بابه يومًا،يا قلب العروبة النابض، وصوتها الذي لا يخفت مهما اشتدّ الضجيج.
تحيّتي إليكِ من لبنان، من أرض الأرز إلى ضفاف النيل،
أبعث لكِ حبًّا لا تحدّه المسافات، وإعجابًا لا يُختصر في كلمات.
لأنكِ ببساطة، لستِ مجرّد وطن،
بل حكاية عشقٍ خالدة… تُروى على مرّ الأجيال.




