بين الهواتف والكراسي المتحرّكة

بقلم بوشناف الفرجاني

“بين الهواتف والكراسي المتحرّكة”.. حين يصبح الترف أولى من الحياة .

في مشهد يختزل مفارقات الواقع الليبي، نظّم مرضى ضمور العضلات وذووهم وقفة احتجاجية أمام مقر حكومة الوحدة الوطنية، مطالبين بأبسط حقوقهم: كرسي متحرّك يساعدهم على مواجهة قسوة الحياة اليومية. جاءوا من مدن بعيدة، ومن أعماق المعاناة، حاملين معهم الألم والصبر… لكن لم يُقابلهم أحد.

وفيما كانت أجسادهم المنهكة تحاول لفت نظر من في الداخل، كانت الأخبار تتسرب عن قيام رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة بمنح أجهزة “آيفون” وهدايا باهظة لبعض صانعي المحتوى، ضمن موجة لا تهدأ من محاولات تحسين الصورة وتلميع الأداء، ولو على حساب المحتاجين الحقيقيين.

 

المفارقة قاسية ومخزية

هؤلاء لا يطلبون امتيازات أو وظائف، فقط أدوات نجاة لا يتجاوز ثمنها ربع ما يُصرف في ساعات على من يملكون الصوت العالي أو الحسابات المؤثرة. في المقابل، صمت رسمي، أبواب مغلقة، ولامبالاة تكاد تلامس القسوة.

ليبيا اليوم تُدار هكذا

تُغلق الأبواب في وجه المرضى… وتُفتح أمام أصحاب الولاء.

تُشترى الأقلام الرخيصة… وتُكسر كرامة الضعفاء.

تُبنى الواجهات الفارغة… وتُترك الأجساد تتآكل على الأرصفة.

 

لم يكن هذا احتجاجًا عاديًا، بل صرخة إنسانية تُسجَّل كوصمة في سجل من صمتوا.

الفرق بين “الآيفون” و”الكرسي المتحرّك” أن الأول يُشحن بالكهرباء… والثاني يُشحن بالأمل.

الأول وسيلة ترف… والثاني وسيلة نجاة.

إنه زمن الفساد الصامت، حيث تُنسى الحقوق وتُقدَّم الواجهة على الحقيقة.

-بوشناف الفرجاني ✍️

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى