لماذا لا تكون أفريقيا؟

 

بقلم: حسن مشعل – رائد أعمال والمدير التنفيذي لشركة مشعل بلاست للتجارة والصناعة وتطوير الأعمال

 

في عالمٍ يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم، وتتشابك فيه خيوط السياسة والاقتصاد بشكل يضعف استقلالية الشعوب، تظل القارة الإفريقية أمام خيار مصيري: أن تتحول من مجرد تابع للاقتصاد الغربي إلى قوة متكاملة تصنع مستقبلها بنفسها.

 

لطالما اعتمدت دول القارة على أوروبا وأمريكا كمصادر أساسية للتجارة والاستثمار والدعم المالي. لكن هذا الاعتماد المفرط لم يخلُ من تبعاته؛ إذ رسّخ التبعية الاقتصادية، وزاد العبء الدولاري، وأضعف القدرة على رسم سياسات مستقلة. ومع تقلبات الأسواق العالمية والأزمات الدولية، أصبح من الضروري أن تطرح أفريقيا على نفسها سؤالًا جادًا: لماذا لا تكون أفريقيا؟

 

إن التعاون بين الدول الإفريقية في مجالات الزراعة والصناعة والطاقة يمكن أن يشكل حجر الأساس لبناء نهضة حقيقية. فالأرض الإفريقية غنية بالموارد، خصبة بالفرص، وبها ملايين الأيدي العاملة الشابة التي تنتظر فقط التنظيم والإدارة الحكيمة. لماذا نستورد غذاءنا بينما حقولنا قادرة على إطعام القارة كلها؟ ولماذا نصدر المواد الخام بينما مصانعنا قادرة على تحويلها إلى منتجات تضاهي الصناعات العالمية؟

 

إن التكامل الإفريقي لا يحتاج فقط إلى استثمارات مادية، بل إلى رؤية مشتركة، تتجاوز حدود الجغرافيا واللغة. فالقرب الجغرافي، والتشابه الثقافي، وحتى وحدة التحديات، يجعل من التعاون الإفريقي خيارًا طبيعيًا وواقعيًا. الطاقة مثلًا، سواء التقليدية أو المتجددة، يمكن أن تكون مشروعًا إفريقيًا جامعًا، يربط الشمال بالجنوب والشرق بالغرب في شبكة واحدة من المصالح المشتركة.

 

لقد آن الأوان أن تتحول أفريقيا من قارة تُستغل مواردها لصالح الآخرين، إلى قارة تستغل مواردها لصالح شعوبها. التكامل بين دول القارة ليس رفاهية سياسية، بل هو ضرورة وجودية تضمن الخروج من دائرة الفقر، وتفتح الباب لقوة عالمية جديدة، لا تعتمد على الغرب ولا تخضع لإملاءاته.

 

إذن، لماذا لا تكون أفريقيا؟

قد تكون البداية من كلمة، ثم من اتفاقيات إقليمية، ثم من مشاريع كبرى مشتركة… لكن المهم أن نبدأ. فالأفكار العظيمة تبدأ دائمًا بسؤال جريء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى